نهائي دوري الأبطال.. هل ربح المال معركته مع كرة القدم

نهائي دوري الأبطال.. هل ربح المال معركته مع كرة القدم

العدالة، الشفافية، الفرص المتساوية، 3 عناصر جعلت من كرة القدم المهرب والملجأ الأفضل، في عالم يضيق يومًا بعد الآخر على الغالبية الكاسحة من البشر.. على البساط الأخضر ينجح اللاجئ والفقير في دخول التاريخ، وتسطير أسمائهم، والتحول إلى أيقونات تجذب المزيد والمزيد إلى عشق الكرة.

في السنوات الأخيرة بدأ المال ينساب متدفقًا على الأندية، يضارب على أسعار اللاعبين، فشهدنا طفرة هائلة لم تنجح أغلب أندية العالم في مجاراتهما، وانحصرت البطولات في عدد صغير من الفرق، القادرة على توفير رعاة من أصحاب المليارات، في إيطاليا وألمانيا وفرنسا، انحسرت المسابقة تمامًا لصالح نادٍ وحيد، سيطر يوفنتوس على الكالتشيو منذ 9 سنوات، واحتكر بايرن ميونخ لقب الدوري الألماني للسنة الثامنة، وباريس سان جيرمان، بتاريخه القصير جدًا يقترب من كسر الرقم القياسي للتتويج بالدوري الفرنسي، ولا يبدو أن هناك أندية قادرة على المنافسة في هذه السوق المجنونة.

وتأتي درة التاج بالنسبة لمنافسات الأندية الأوروبية، بطولة دوري أبطال أوروبا، كمثال بشع على التحول الرهيب في مسار الكرة العالمية، وفي القلب منها أوروبا، فصعد الفريق المحظوظ باريس سان جيرمان إلى المباراة النهائية للبطولة، بتكلفة تجاوز 1.2 مليار يورو.

مؤخرًا انتشر في الإعلام الرياضي العالمي، التعبير الخلّاق لرئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ألكسندر تشيفرين: ""استقطاب الإيرادات المدفوع بالعولمة"، وهو يعبر عن قدرة القليل من الأندية بالقارة في الوصول لأكبر عدد ممكن من الجماهير حول العالم، وبالتالي تحوّلت أندية مثل ريال مدريد ومانشستر يونايتد إلى علامات تجارية، تستقطب أفضل اللاعبين والمدربين، وتطيح بمنافسيها بلا رحمة، من غير القادرين على مواكبة المصروفات الهائلة وأسعار اللاعبين بالغة الارتفاع.

باختصار تدهورت صناعة كرة القدم إلى الانفلات الكامل، والخروج عن الأخلاقيات والعدالة.

بالإضافة إلى السوابق التاريخية، التي تجعل من الفترة الحالية –بكل مساوئها- تقوم على ظرف آخر، وهو الاستغلال السياسي بالغ الحمق والتطرف للفرق ولاعبيها، كما حدث في الأرجنتين 1978، ببطولة كأس العالم، وكما مر على إسبانيا في عهد الفاشي فرانكو، ورعايته الفائقة لفريق ريال مدريد، وحرصه على ضمان تفوقه محليًا وقاريًا، لمنح صورة مختلفة عن قبضته الدموية التي كانت تخنق البلاد حينذاك.

الجديد هنا هو تغيير في الأسماء فقط، والاستخدام السياسي قائم، والأموال تفتح بوابات الفساد على مصراعيها أمام الراغبين وأصحاب النفوس الدنيئة، والإعلام القائم على الرعاية هو الآخر ينجر خلف الاستفادة المالية التي تمنح أفاقًا هائلة من الربح والتواجد الدائم على المسرح المنصوب.

الفريق الباريسي المدجج بالنجوم، مشروع قطر المالي الهائل لتصدير صورتها الجديدة إلى شعبها والعالم، يقف على أعتاب تتويج تاريخي، في ظرف غريب، لم يهتز العملاق الفرنسي بسبب التداعيات المالية لفيروس كورونا، مثل غيره، بل استمر في عقد الصفقات، وضمن الحفاظ على نجميه كيليان مبابي ونيمار دا سيلفا، وترك للجميع الخيبة وجرد حساب الخسائر.

ورغم وصول فريقي ليون  وأتالانتا إلى دوري الأبطال، وفوز ليستر سيتي بالدوري الإنجليزي، إلا أن صناعة كرة القدم تتحول بالكامل إلى عدد قليل من الأندية النخبوية، فائقة القدرة والثراء، سرعان ما يتم تفريغ تلك الأندية البازغة من لاعبيها المجيدين، وتتكفل الشهور والسنوات بالإطاحة بأحلام الاستمرار والمنافسة.

باريس سان جيرمان هو قمة جبل الجليد في نموذج غسيل السمعة عبر الرياضة ، وتوسيع القوة الناعمة وتلطيف صورة النظام، الذي ينتهك حقوق الإنسان في أكثر منافسات كرة القدم شهرة في أوروبا،  لهذا السبب لا ينبغي تطبيع وجودهم في النهائي،  إذا فعلنا ذلك ، فإننا نخاطر بالسماح للدول القاتلة بمصادرة كرة القدم في صمت.

وفي مباراة النهائي، الليلة، فإن بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان هما شعاران للقوى الأكبر التي تتورط في هذه الرياضة في الوقت الحاضر: تفشي عدم المساواة وغسيل السمعة عن طريق الرياضة، ما هو موجود في كليهما هو أن كرة القدم نفسها هبطت إلى مرتبة ثانوية، حيث أصبحت الأرباح والقوة هي الأولوية.

يهدد استمرار صناعة كرة القدم بشكلها الحالي المستقبل، قبل أن يهز الحاضر ويكاد يفتك به، جميع الأندية أمام خيار "الكومبارس"، وحتى الكبرى منها، النتائج تتحول رويدًا لتكون متوقعة، والمواهب منتهى طريقها إلى عدد قليل من الأندية القادرة على دفع أثمانها ورواتبها، والأندية التاريخية والجماهيرية تعاني الأمرين للاستمرار والمقاومة.

بعد اليوم الأحد، سيكون نهائي دوري أبطال أوروبا تاريخًا جديدًا في السجلات، ورقمًا آخر في الذاكرةـ لكن تمثيله الرمزي للتهديدات التي تواجه كرة القدم الحديثة سيظل يلوح في الأفق بشكل كبير، ويسيطر على المستقبل بشكل أكبر.

وخلال 50 عاما هي عمر نادي باريس سان جيرمان، أحرز 40 لقبا في البطولات الفرنسية كما فاز بلقب كأس الأندية الأوروبية أبطال الكؤوس في 1996، ولكن لقب دوري الأبطال كان الهدف الغائب للنادي منذ انتقال ملكية سان جيرمان إلى مالكيه القطريين الحاليين في 2011.

وأنفق النادي الفرنسي ما يزيد علة المليار دولار على مدار السنوات الماضية لتدعيم صفوف الفريق بأبرز النجوم وفي مقدمتهم نيمار أغلى لاعب في العالم والمهاجم الفرنسي الموهوب مبابي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
logo
واتس كورة
wtkora.com