زيدان ضد البرازيل..معركة البطل الواحد

زيدان ضد البرازيل..معركة البطل الواحد

قدم العديد من اللاعبين على مدار مسيرتهم العديد من المباريات الجيدة ويمكن القول أنهم نجحوا في إظهار أفضل مستويات فردية في هذه اللقاءات بمختلف البطولات. لكن هناك إختلاف كبير حيث أن بعض الأساطير إعتادوا على التألق وخطف الأضواء دائما بينما نجح لاعبين أخرين  في الظهور لمرة أو مرتين بشكل إستثنائي عن المعتاد.

لكن إذ أردنا التحدث عن الأداء الفردي الكبير والإستثنائي، فلا يوجد أفضل من الأسطورة الفرنسية زين الدين زيدان ومستواه الكبير الذي قدمه أمام منتخب البرازيل في بطولة كأس العالم 2006.

تعتبر هذه المباراة هي الأفضل في مسيرة زيدان بالكامل فهي تلخص عبقريته في الملعب وقوة شخصيته التي لطالما ظهرت في المباريات الكبيرة صرح زيدان أنه سيعتزل اللعب بعد بطولة كأس العالم وإعتادت الجماهير من اللاعبين أنه بإقتراب إعتزالهم يقوموا بالأبتعاد عن المشاركات الدولية ويركزوا فقط على مسيرتهم مع الأندية ولكن لم يحدث هذا الأمر مع زيدان.

كان زيدان قد أعلن إعتزاله اللعب الدولي بعد إنتهاء بطولة اليورو عام 2004 ولكنه عاد مرة أخرى بعد ان تغير مركزه من الطرف الأيسر إلى وسط الملعب ولكن في نفس الوقت كان مستوى زيدان بدا في التراجع شيئا فشيئا بسبب تقدمه في العمر. وصل زيدان إلى عامه ال34 وبدا في التقييد بالواجبات التكتيكية في مدريد بالإضافة إلى إنخفاض قوته البدنية بشكل كبير لذلك قرر الإعتزال على الرغم من أنه كان يمتلك عقدا مع ريال مدريد حتى موسم 2007 ولكنه قرر أن يرحل مبكرا بعام.

كانت بطولة كأس العالم بالنسبة لزيدان الخاتمة المناسبة لمسيرته فبعيدا أن أى شئ، لطالما كان زيدان مميزا على الصعيد الدولي بشكل أكبر من الأندية ففي الوقت الذي كان ينخفض فيه مستواه مع يوفنتوس أو ريال مدريد، كان ينجح في إستعادة تألقه مرة أخرى مع منتخب فرنسا الذى طالما إرتدى معهم القميص رقم 10 في الوقت الذي إختار فيه رقم 21 مع يوفنتوس ورقم 5 مع ريال مدريد.

تقابل المنتخب الفرنسي ضد نظيره البرازيلي في الدور ربع النهائي وكانت هذه المرة الأولى التي سيتقابل فيها زيدان مرة أخرى مع السيلسياو منذ نهائي كأس العالم 1998 حين سجل هدفين في شباكهم. كان هذان الفريقان هما أبطال أخر 3 نسخ من البطولة قبل هذه المباراة لذلك كانت بمثابة نهائي مبكر للغاية. كانت القرعة فى هذه البطولة مثيرة للغاية فالفائز بهذه المباراة سيصعد مع ألمانيا التي نجحت في إقصاء الأرجنتين بينما تخطت إيطاليا المنتخب الأوكراني بسهولة ونجح المنتخب البرتغالي في تخطي إنجلترا بضربات الجزاء.

وقعت فرنسا  في مجموعة سهلة الغاية حيث صعدوا في المركز الثاني من بعد سويسرا ونجحوا في إجتياز هذا الدور بالتغلب على أسبانيا في دور ال16 حيث سجل زيدان الهدف الثالث لتنتهي المباراة بنتيجة 3-1. على النقيض تماما نجحت البرازيل في الفوز بجميع المباريات بفضل القدرات الكبيرة للرباعي كاكا ورنالدينهو ورنالدو وأدريانو ومن ثم إعتمد المدرب كارلوس بيريرا على جيلبيرتو سيلفا في منطقة خط الوسط الدفاعي لتتحول تشكيلة اللعب إلى 4-3-2-1. إعتمد بيريرا بشكل كبير على سيلفا فى هذه المباراة نظرا لقدرته على إيقاف زيدان وبرز ذلك في بطولة دوري أبطال أوروبا لهذا العام حينما نجح أرسنال في الفوز بالمباراة بنتيجة 1-0.

تميزت هذه البطولة بكونها أخر نسخة لكأس العالم التي سيشارك فيها كلا من زيدان ورنالدو وكافو وروبيرتو كارلوس وبالطبع رونالدينهو على الرغم من كونه في عامه ال26 حينها. بدات المباراة ومعها إبداع زيدان فمن اللحظة الأولى قرر زيزو في إمتاعنا بعد أن إستلم كرة صعبة للغاية في وسط الملعب ومن ثم مر من وسط زى روبيرتو وجونينهو ولعبها بكعبه لزميله من بينهما ليكمل هذه اللحظة الرائعة ومن ثم إتجه نحو سيلفا الذي حاول إيقافه ولكنه غير إتجاه جسده بشكل رائع ومن ثم مر منه في لمح البصر في اللحظة التي كان يصرخ فيها بيريرا في لاعبيه لإيقاف زيدان الذي ركض بالكرة ومر من 3 لاعبين في أول 40 ثانية من عمر اللقاء.

شهدت هذه المباراة أفضل مستوى لزيدان على مدار تاريخه، فلطالما كان ينقصه بعض الشئ أثناء الركض بالكرة أو التسديد والتمرير ولكنه نجح في تخطي كل عيوبه بهذا اللقاء بالإضافة إلى قدرته الساحرة والإستثنائية في الإستلام والتحكم بالكرة حيث يمكن القول أن زيزو هو أفضل لاعب في تاريخ الكرة بإمكانه السيطرة وترويض الكرة مهما كان إتجاهها وقوتها.

ظهرت هذه القدرة العجيبة فى الدقيقة ال12 من عمر المباراة بعد أن إستلم الكرة بمنتهى السهولة بدون حتى أن يتحرك أو يبذل مجهود فيها ليقود من خلالها هجمة مرتدة سريعة لفريقه وسط محاولات يائسة من كافو وسيلفا لإيقافه حيث عجز لاعب خط الوسط البرازيلي في الإقتراب منه بفضل قوته وسرعته وتحكمه في الكرة بشكل رائع للغاية.

إستمر زيدان في إمتاع الجماهير بعد أن مرر الكرة من فوق زميله بريال مدريد رونالدو وبعدها مرر الكرة بمنتهى السهولة إلى زميله إيريك أبيدال، لذلك وبسبب هذه الحركات والمهارات الصغيرة والبسيطة خلد أداءه بهذه المباراة في أذهان الجماهير للأبد. إزداد زيدان في إستعراضه وقدراته بعد أن تقدمت فرنسا بهدف حيث تحول دوره من صناعة الفر وتسجيل الهدف إلى التحكم في إيقاع المباراة وتهدئة الترم قليلا.

يتذكر الجميع مروره من سيلفا على طريقة الروليتا التي نالت إعجاب الجماهير في المدرجات ومن ثم تمرير الكرة من فوق رأس ساجنول حيث إتضح للجميع أن زيدان قد جاء ليستعرض مهاراته وأنه مصر على توديع الجماهير بالشكل اللائق لمسيرته وموهبته.

لم يقم زيدان بدوره الرئيسي في المباراة كصانع ألعاب تقليدي وإتضح ذلك في إرساله ل3 تمريرات سيئين للغاية لهنري في أول 10 دقائق من عمر المباراة. كانت الأولى في الدقيقة الأولى من عمر المباراة فبعد أن مر من ال3 لاعبين مرر الكرة بشكل صعب للغاية فبدلا من أن يرسلها على الأرض قام بتمرير كرة طولية لهنرى ولكن نجح لوسيو في إعتراضها برأسه وإعادتها إلى الحارس ديدا.

جاءت التمرير الثانية بعدها بدقيقتين فبعد أن فقد لوسيو الكرة، إمتلك زيدان فرصة رائعة ليجعل هنرى ينطلق في مساحة، ولكن قرر زيدان تمرير الكرة بوجه القدم الخارجى ليتغير إتجاهها بشكل خاطئ وتضيع هذه الفرصة التي كان يخشى منها كافو بشكل كبير نظرا لإرتداده البطئ لتغطية هذه المساحة من الجانب الأيمن. جاءت التمريرة السيئة الثالثة لزيدان بعد تحرك رائع لهنرى على الجانب الأيمن ولكن بدلا من أن يرسل زيدان الكرة له بشكل دقيق وضع فيها قوة إضافية أدت إلى وصول الكرة بمنتهى السهولة لديدا.

لكن في النهاية نجح زيدان في صناعة هدف هنري بعد أن نفذ الضربة الحرة التى جاء منها الهدف وكان هذا الهدف هو الثاني والأخير الذي يصنعه لهنرى نظرا لأن الأول كان في بطولة يورو 2000 بشباك الدنمارك بعد تمريرة بسيطة وضعها هنرى في المرمي. لكن هذا الأمر لم يكن غريبا نظرا لأنه على مدار العديد من المباريات بينهما لم ينجحا في خلق التفاهم بالملعب.

نجحت فرنسا في إقصاء البرازيل ووصلوا إلى النهائي لمواجهة إيطاليا، وقدم زيدان في هذه المباراة أداء كبيرا للغاية حيث نفذ ضربة الجزاء في شباك بوفون على طريقة بانينكا ليكمل إستعراضه مهاراته حتى في أصعب لحظات المباراة وكاد أن يسجل رأسية مميزة في اللحظات الأخيرة كانت لتهدي البطولة لمنتخب الديوك، ولكن شاء القدر أن تخرك الكرة وان يتشاجر زيدان مع ماتيرازى لينال الطرد المباشر في أخر مباراة له بمسيرته.

لكن في حال من الأحوال، لا يقلل هذا الأمر من قيمة زيدان حيث سيظل الجميع يتذكر زيدان وأداءه الكبير في البطولة بالإضافة أيضا إلى رأسيته في صدر ماتيرازى.

موضوعات أخرى:

أخبار قد تعجبك

No stories found.
logo
واتس كورة
wtkora.com