الكاميرون والأرجنتين .. ملحمة كأس العالم1990

الكاميرون والأرجنتين .. ملحمة كأس العالم1990

تعتبر مباراة الكاميرون والأرجنتين فى إيطاليا 90 واحدة من افضل وابرز المباريات فى تاريخ كاس العالم، حيث تفاجئ الجميع بتعرض راقصى التانجو تحت قيادة دييجو مارادونا للهزيمة من المنتخب الكاميرونى الذى احتوت تشكيلته على العديد من لاعبى اندية الدرجة الثانية للدورى الفرنسى.

امتلاءت البلاد بالاحتفالات الصاخبة بعد هذا الفوز الغالى نظرا لان لم يكن يتخيل اى احد حتى اللاعبين من تحقيق هذا الإنجاز. لكن لم تقتصر الإحتفالات على الكاميرون فقط بل إمتدت الى جميع البدان الإفريقية نظرا لكونه انجاز تاريخى للقارة بان يتغلبوا على ابطال العالم بقيادة الأسطورة مارادونا.

تعد ابرز لحظات المباراة هى اخر دقيقتين فى اللقاء عندما استلم اللاعب الارجنتينى البديل كلاوديو كانيجيا الكرة وركض بها من الجناح الأيمن. تعرض كانيجيا للعرقلة لعديد من المرات وهو فى طريقه الى المرمى الأسود الكاميرونية ولكنه رفض السقوط مثابرة منه للتمسك بالامل الأخير ولكن فى النهاية سقط اللاعب بعد التدخل العنيف من الكاميرونى بينجامين ماسينج الذى ادى الى تلقيه البطاقة الحمراء ليصبح ثانى لاعب مطرود من تشكيلة الكاميرون.

كانت المباراة الإفتتاحية لهذه البطولة تبرز وتيرة المباريات المقبلة حيث ان يشهد اول لقاء بطاقتين حمراء تماما كما حدث فى بطولة كاس العالم بالمسكيك 1986. كتب ماثيو إنجل فى الجارديان عن هذه المباراة قائلا: " استمر لاعب الكاميرون فى ضرب مارادونا لايفاقه. استمر اللاعب طوال المباراة بعيدا عن المرمى نظرا للعنف الكبير الذى تعرض له للدرجة التى عجز زملاؤوه عن مساعدته نظرا لتعرضهم للضرب ايضا كلما حاولوا تسجيل اى هدف".

تعرض كانا ببيك للطرد بعد تدخله العنيف على كانيجيا ومن ثم قام الحكم الفرنسى مايكل فاوتروت فى تطبيق قواعد الفيفا الجديدة للحد من العنف والحفاظ على سلامة اللاعبين. اثيرت الأقاويل الكثيرة عن ان الحكم الفرنسى كان قاسيا بعض الشئ ولكن بالعودة الى تصريحات السكرتير العام للاتحاد الدولى سيب بلاتر قبل اقامة البطولة، ذكر ان على اللاعبين التصرف بالتزام وهدوء فى المباريات بشكل رياضى ومحترف ولكن اتضح فى النهاية ان لم يسمع اى منهم حديثه او بمعنى اصح لم ينفذوه.

قال بلاتربعد انتهاء المباراة: " لم اكن سعيدا بان الحكم توجب عليه التدخل بهذا السكل للحد من النزاع نظرا لان هناك بعض اللاعبين الذين يسعون لتدمير الكرة والمباريات بدلا من ابرزا مهاراتهم وفنياتهم".
لكن فى الواقع احتوت هذه المباراة على الكثير من التدخلات العنيفة للغاية فى الملعب حيث يمكن القول ان لاعبى الكاميرون اعتمدوا على قوتهم وعضلاتهم اكثر من فنياتهم. قال مارادونا عن هذا اللقاء: " لا أعتقد انهم تعمدوا ضربنا للفوز بالمباراة . لكن لا يمكننى الانكار او التاكيد ولكنى اعلم جيدا ان الطرف الأفضل هو الذى فاز فى النهاية بهذا اللقاء".

انضم مارادونا للارجنتين فى هذه البطولة بعد ان قاد فريق نابولى الإيطالى للتويج ببطولة الدورى بفارق نقطتين عن إى سى ميلان فى الوقت الذى بدت فيه الإصابات فى القضاء عليه بشكل عنيف. شارك مارادونا وهو مصاب فى ظافر اصبه قدمه حيث احتاج الى ارتداء واقى مخصص ليخفف من الألم.

غير المنتخب الكاميرونى مفاهيم عديدة فى كرة القدم خلال هذه البطولة حيث اظهروا قدرات اللاعبين الأفارقة بشكل كبير مما ادى الى تغيير الصور النمطية والعنصرية عن القارة السمراء. كانت تحضيرات الفريق مميزة للغاية بالاضافة الى عدم تقدير اللاعبين ولكن فى النهاية نجحوا فى تقديم اداء تاريخى فى هذه النسخة. وصلت الأسود الكاميرونية الى دور ربع النهائى لمواجهة إنجلترا ولكنهم تعرضوا للهزيمة بنتيجة 3-2 بعد ان قاد جارى لينكر الأسود الإنجليزية للدور نصف النهائى.

لم ينل المنتخب الكاميرونى التقدير الكافى قبل البطولة وقد اتضح هذا فى تصريحات المدرب الأرجنتينى كارلوس بيلاردو الذى قال أن مجموعته ليست بالسهله للغاية ولكن لن يواجه راقصى التانجو اى مشكلة للتاهل من هذه المجموعة.

قام الرئيس الروسى بول بييا بأمر الإتحاد الروسى لكرة القدم بارسال بعض المدربين للكاميرون فى اطار المساعدات الأوروبية المقدمة للبلاد. وصل فاليرى نيبومنياشتشى الى الكاميرون فى البعثة الأولى ولم يتمتع حينها بخبرة كبيرة نظرا لتوليه تدريب فريق لمدة موسم واحد فقط فى دورى الدرجة الثالثة الروسى. تم تعيين بييا كمدرب للمنتخب الوطنى الكاميرونى على الرغم من عدم إجادته للغة الإنجليزية او الفرنسية لذلك كان يوجه المدرب الروسى تعليماته للاعبين بواسطة مترجم والذى كان يعمل كسائق فى سفارة الكاميرون بموسكو.

تأهل المدرب الروسى بالفريق لكاس العالم بإيطاليا فى الوقت الذى كان على وشك التعرض للاقالة نظرا لتقديمه لمستويات سيئة للغاية فى بطولة امم افريقيا وخروجه من البطولة فى مرحلة المجموعات فقط بعد تعرضه للهزيمة من زامبيا والسنغال. اقام المنتخب الكاميرونى فترته التحضيرية فى مدينة بوردو ومن ثم يوغسلافيا ولبعوا العديد من المباريات امام فرق مختلفة ولكن تعد ابرز الأمور فى هذه الفترة هو انضمام ميلا لصفوف المنتخب ومطالبة اللاعبين بالحصول على مستحقاتهم المتاخرة.

كان حارس المرمى جوزيف انطونى بيل هو المتحدث بالنيابة عن اللاعبين للحصول على مرتباتهم حيث كان يضمن تواجده فى التشكيلة الرئيسية للمنتخب نظرا لقدراته الفنية الكبيرة وتواجده فى المركز الثانى بجائزة افضل لاعبى فى فرنسا. ولكن قبل بداية البطولة قام الحارس بانتقاد زملاؤوه بشكل كبير واصفا اياهم بانهم لن يفوزواباى شئ ولن يحققوا المجد فى كاس العالم وتحديدا امام الأرجنتين.

قرر نيبومنياشتشى فى ابعاده عن تشكيلة الفريق فى عام 1990 ومن ثم حققت الأسود الكاميرونية انجازهم الكبير فى ايطاليا. عاد بيل مرة اخرى الى تشكيلة الكاميرون فى بطولة 1994 ولكن عجز الكاميرون عن التاهل من دور المجموعات لتصب الجماهير غضبها على الحارس وقامت بإحراق منزله فى المدينة الكاميرونية دوالا.

أظهر المنتخب الكاميرونى قوة كبيرة فى المباراة الإفتتاحية امام الأرجنتين نظرا لصلابة منظومتهم الدفاعية ومراقبتهم اللصيقة للاعبى الارجنتين بالاضافة الى ضغطهم المستمر ليستحوذوا على الكرة فى البداية فى الوقت الذى قاموا فيه بخلق مساحات واسعة فى الملعب. منذ بداية اللقاء سبب اومام بييك مشاكل عديدة لدفاع الأرجنيتن ولكن لم تكن المشكلة فى الرسعة فقط بل لتمتع الاسود الكاميرونية بالمهارة الرائعة فى التحكم بالكرة بكل رائع للغاية.

كاد مارادونا ان يسجل هدفين فى شباك الكاميرون ولكن نجح الحارس نكونو فى التصدى لهم ليحافظ على نظافة شباكه. قام خورخى بورتشوجا فى تشتيت الكرة من على خط مرمى الارجنتين بعد ان سددها اومام بييك واستمر فى ازعاج راقصى التانجو بعد ان سدد كرة قوية للغاية قبل انتهاء الشوط الأول ب7 دقائق كادت انت تخدع الحارس بومبيدو وتدخل مرماه.

سجل المنتخب الكاميرونى الهدف بعد خطا مشترك من المدافع الارجنتينى لورينزو والحارس بومبيدو، حيث كان لورينزو المتسبب فى حصول الاسود على ضربة حرة من ناحية الجانب الأيمن. لعبت الكرة فى اتجاه المرمى وقام لوريزنو بالارتقاء مع ماكانكى لابعاد الكرة ولكنه اخطا تقدريها لتذهب الى اومام بييك الذى سدد الكرة براسه فى مرمى الارجنتين. لم تتحلى راية بييك بالقوة الكافيه ولكنها خدعت بومبيدو الذى اخطا فى تقديرها لتنزلق من يده اليمنى وتسكن الشباك فى واحدة من اعظم المعجزات فى تاريخ كاس العالم.

لم يصدق اى شخص ما راه فى هذه اللحظة حيث شعر الجميع بالصدمة للدرجة التى ظن لاعبى الارجنتين انهم فى حلم او بمعنى ادق كابوس. لكن استمرت الأسود الكاميرونية فى الدفاع عن هذا الهدف بكل قوتهم للدرجة التى كلفتهم اكمال المباراة ب9 لاعبين ولكن فى النهاية نجحوا فى الفوز على راقصى التانجو بنتيجة1-0 لينجح فيما بعد الأسطورة ميلا فى تسجيل 4 اهداف تاريخية على الرغم من اتمامه 38 عام.

موضوعات أخرى:

أخبار قد تعجبك

No stories found.
logo
واتس كورة
wtkora.com