جيمي فاردي..العجوز الشاب

جيمي فاردي..العجوز الشاب

يصعب كثيرا تكرار حجم التألق والنجومية الكبير الذي قام به جيمي فاردي في السنوات الأخيرة، حيث صعد النجم الإنجليزي درجات المجد بداية من دوري الدرجة الثامنة بإنجلترا ليصبح أخيرا واحد من أفضل المهاجمني في تاريخ الكرة الإنجليزية. كان مثله كمثل جميع الأطفال في إنجلترا، حيث بدا شغفه وحبه للساحرة المستديرة في الظهور منذ نعومة أظافره.

لكن حدث أيضا له ما حدث مع الكثير من الشباب الصغار، فكان حلمه ليصبح لاعبا محترفا صعب المنال. تعرض فاردي للرفض من فريق شيفيلد يونايتيد وعمره 16 عام بسبب ضئاله جسده وأنه لم يتمتع بالموهبة الكافية وكان هذا الموقف واحد من سلسلة طويلة من الأحداث المؤسفة التي شاء القدر في أن يحولها للوقود الذي أشعل محرك ماكينة الأهداف التي نراها الأن.

إبتعد فاردي عن كرة القدم لفترة طويلة لذلك علينا أن نتسائل، كيف إستغل نجم ليستر الظروف المحيطة به وكيف نجح بهذا الشكل الكبير رغم كل الإخفاقات والسقطات التي تعرض لها؟ حصر فاردي بشكل كبير في صورة الشخص السيئ والشرير لفترات طويلة بحياته ولكن هذا لم يمنعه من الوصول إلى حلمه، فعلى الرغم من عصبيته والمشاكل الكبيرة التي تعرض لها إلا أن عزيمته لم تتأثر يوما بكل هذه العقبات فلقد إنطلق من ظلمات المجهول ليصبح نجما ساطعا في سماء كرة القدم.

أصبح فاردي وفريقه ليستر الأن جزءا أصيلا من تراث كرة القدم بعد تتويجهم بلقب الدوري التاريخي في موسم 2015/2016 وجميعنا نتذكر هدفه الرائع الذي سجله من على بعد 30 ياردة في شباك ليفربول، فببساطة يمكن القول أن فاردي هو فارس ليستر النبيل في حكايتهم الرائعة.

بدأت الحكاية مع فاردي في شهر يناير عام 2010 عندما كان جيمي فاردي صاحب ال 23 عام يركض في ملعب براكين موور مرتديا قميص نادي ستوكس بريدج بارك. قام فريق مانشستر يونايتيد بزيارة الفريق ليلعبوا مباراتهم وشارك المهاجم في اللقاء أمام 700 مشجع من فريقه وإنتهت المباراة بالتعادل بنتيجة 1-1.

لم يسجل فاردي في هذا اللقاء ولكنه تلقى إنذارا بسبب إفتعاله للمشاكل، لذلك لم يثير اللاعب إعجاب أي كشاف للمواهب من الذين كانوا متواجدين داخل الملعب وإنتهى يوم فاردي على أنه سيستعد للذهب في اليوم التالي لدوام ال12 ساعة بمصنع ترولايف للصلب.

لكن يبدو أن القدر لم يدر ظهره بالكامل لفاردي، فبعد مرور 6 أشهر على هذه المباراة وقع الثعلب الإنجليزي عقدا إحترافيا مع نادي هاليفاكس تاون. كان فريق هاليفاكس يلعب في دوري الدرجة الثامنة بإنجلترا ولكن هذا لم يمنع اللاعب من التألق حيث سجل 29 هدفا في 41 مباراة بموسمه الأول مما حث فريق فلييتوود تاون للتعاقد معه مقابل 150 ألف جنية إسترليني.

كان فريق فلييتوود متواجدا في الدرجات القليلة ولكن ليس مثل ناديه السابق، لكن على الرغم من هذا إلا أن فاردي كان مجهولا تماما ولم يسمع أي شخص بإسمه. قال زميله السابق في الفريق جاريث سيدون: " لم أسمع من قبل إسم فاردي وتسائل العديد من زملاءنا حينها حول الهدف من التعاقد معه. لكن بعد مشاهدته في المباراة الأولى، قدم فاردي مستويات كبيرة للغاية، فعلى مدار مسيرتي التي إستمرت لمدة 18 عام لم أشاهد لاعب يركض بنفس سرعته".

كان من السهل تماما معرفة أن فاردي قد نجح في إبهار زملائه حيث إنبهر الجميع برغبة اللاعب في إثبات نفسه والقيام بكل شئ للتمسك بهذه الفرصة المميزة. يستخدم المدربون إختبار البيب تست في بريطانيا بشكل كبير للغاية وهو إختبار يعتمد على تحديد نقطتين في مسافة محددة. يتوجب على المشاركين في هذا الإختبار الركض في وقت محدد كل هذه المسافة وبأقصى سرعة ويستمر الوقت في الإنخفاض بكل مرة مما يصعب الأمور بشكل كبير على اللاعبين، لكن لم يكن هذا الإختبار يوما مشكلة بالنسبة لفاردي بالإضافة إلى قدراته التهديفية الكبيرة والرائعة التي أعطت المزيد من الثقة لزملاءه.

كان موسمه الأول مع النادي مميزا للغاية حيث صب تركيزه بالكامل على الملعب ونجح في تسجيل 31 هدف في 36 مباراة في الوقت الذي إقتنع فيه مدرب فريق ليستر سيتي نايجل بيرسون أن فريقه عليه أن يدفع لفليتوود المليون جنية إسترليني للحصول على توقيع النجم الدولي الإنجليزي.

تمركزت حياة فاردى بأكملها بكونه يحارب بمفرده ضد العالم بأكمله ولم يتوقع أي أحد أن يظهر في حياته هذا السلم الذهبي الذي إنتشله من ظلمات الفقر والضياع إلى أضواء المجد والشهرة، فحياته ومسيرته لم تكن متوقفه على المصاعب والتحديات التي يعاني منها اللاعبين الصغار في قطاعات الناشئين بل كانت معاناته امام تقلبات الحياة القوية.

عانى فاردي من العديد من المشاكل في بداية مسيرته مع ليستر بسبب إفتقاده للأحترافية، فهو لم يترعرع مثل بقية اللاعبين في قطاعات الناشئين ولم يتخذ النهج الرياضي كأسلوب حياة له. يعد أبرز مثال على ذلك أنه جاء للتدريبات في أحد الأيام وهو سكير وعندم إجتمع مع رئيس النادي قال اللاعب صراحة أنه لا يدرك كيف يعيش حياته الحالية بنظامها الجديد.

إفتعل فاردي أيضا العديد من المشاكل في حياته مما جعل الجماهير تطلق عليه لقب القذيقة، ففي أحد المرات إتهم جيمي بقضية تعدي بالضرب وإضطر إلى أن يلعب مباراته مع فريق ستوكبريدج بارك ستييل وهو مرتدي إسورة التتبع الخاصة بالشرطة نظرا لإنه تعرض للإقامة الجبرية كعقوبة على جريمته. كانت كل هذه الأمور تثير تساؤولات العديد من الأشخاص عما إذا كان ما سيستطيع اللاعل الوصول إلى القمة أم لا، ولكن في النهاية نجح فاردي في الوصول إلى قمته الخاصة.

كانت رحلة فاردي طويلة للغاية ليتحول من كونه مجرد نكرة إلى نجم من نجوم الدوري الإنجليزي الممتاز، فعلى الرغم من إدمانه إلى العديد من العادات السيئة حتى وقتنا هذا إلا أن الثعلب صاحب ال32 عام قاد الفريق إلى التأهل لدوري أبطال أوروبا بالموسم المقبل بالإضافة إلى فوزه بجائزة هداف الدوري هذا الموسم ليكمل الدولي الإنجليزي مسيرته الذهبية.

موضوعات أخرى:

أخبار قد تعجبك

No stories found.
logo
واتس كورة
wtkora.com