جاتوزو..حلال العقد لنابولي

جاتوزو..حلال العقد لنابولي

يتشابه الإيطاليون الأصليون حاليا مع أجدادهم في الماضي فهم مستمرون في إكمال مسيرته القدماء تماما كمسرحياات شكسبير الموجودة حتى الأن. تتشابه هذه الحالة مع المدرب الإيطالي جينارو جاتوزو الذي لازال عصبي ومجنون ولا يتحكم في تصرفاته تماما مثلما كان لاعبا في بداية الألفينيات من القرن الحالي.

ظهر ذلك الأمر بوضوح أثناء مقابلة صحفية له عندما كان مدربا لنادي أوفي كريتي اليوناني. سئل جاتوزو عن مستوى اللاعبين ورد جاتوزو الرد الذي ظل في أذهان المشجعين حتى الأن: " أحيانا يكونوا جيدين وأحيانا يكونوا مثل الحثالة".

لكن مع تقدمه في العمر وإكتسابه للمزيد من الخبرات، نجح جاتوزو في تطويع غضبه وصوته العالي ليستخدمهم في تحقيق الفوز والنتائج الجيدة كمدرب، لذلك سنسرد قصة جاتوزو المميزة مع نابولي الإيطالي.

بعد ساعات من مشاركة نابولي في دور ال 16 ببطولة دوري أبطال أوروبا، تعرض المدير الفني للفريق حينها كارلو أنشيلوتي للإقالة من رئيس النادي  أوريلو دي لاورينتس.

تعادل الفريق مع سالزبورج مما أقنع كلا من المدرب واللاعبين أنهم يستحقوا مركز أفضل في الدوري الإيطالي وأن بإمكانهم تقديم مستويات أفضل من تلك، ولذلك حث لاورينتس اللاعبين في الدخول لمعسكر تدريبي مغلق لتحسين مستوى اللاعبين بالإتفاق مع أنشيلوتي.

نفذ أنشيلوتي هذا  المقترح بينما رفض اللاعبون الإنصياع لهذه الأوامر وكان السبب وراء هذا عدم رغبتهم في الدخول للمعسكر بل لتأكدهم بأنهم لا يحتاجوه.

فشل الفريق حينها في الفوز بأي مباراة لمدة شهر وزادت الخلافات بشكل أكبر بين لاورينتس وأنشيلوتي بخصوص المعكسر المغلق حيث رفض المدرب تحمل مسئولية عدم إنصياع اللاعبين أو تحمله لأي مسئولية بجميع الأحوال، مما زود من الأمر سوءا. رحل أنشيلوتي عن نابولي ومن ثم جاء حينارو جاتوزو، رحل الرجل الهادئ وجاء بركان الغضب وإتضح للجميع أن لاورينتس قد تخلى عن المنطق وهو يريد فقط الإنضباط والإصلاح، ولا يوجد شخص بمقدوره ذلك أكثر من جاتوزو.

إعتمد أنشيلوتي على طريقة لعب 4-4-2 وكانت مليئة بالعيوب الفنية لعدم تواجد خط وسط قوي مما سهل وصول الخصوم لدفاع ومرمى الفريق بدون مجهود ، لذلك قام جاتوزو بتعديل الأوضاع وقرر إضافة المزيد من اللاعبين لحماية خط الدفاع، لذلك إعتمد على طريقة 4-3-3 والتي إعتاد عليها اللاعبين بشكل كبير تحت قيادة مدربهم الأسبق ماوريسيو ساري. تعرض الفريق للهزيمة من بارما وإنتر ميلان ولاتسيو وفيورنتينا مما صعب الأمور كثيرا على الفريق.

نجح نابولي في الفوز على لاتسيو بنتيجة 1-0 في بطولة كأس إيطاليا وكانت هذه نقطة التحول بالنسبة لجاتوزو وظهرت خطته المميزة على أرض الملعب. تعاقد الإيطالي مع اللاعب دييجو ديمي ومن ثم قدم الفريق مستويات كبيرة للغاية بعد الفوز على يوفنتوس متصدر الدوري بنتيجة 2-1 ومن ثم إستكملوا تألقهم وحققوا الفوز على إنتر وكالياري وبريشيا وإقترب الفريق من التواجد بقمة الدوري. لم يسمح لأي نادي بالسقوط أو التعثر وكل شخص كان مسئولا عن شئ وعليه تحمل مسئوليته بالشكل المناسب.

صرح المدير الرياضي للفريق كريستيانو جيونتلي تحدث عن تأثير جاتوزو المميز على الفريق : " أعاد رينو الثبات والقوة للفريق وأضاف المزيد من الإعتماد على التمرير والإستحواذ بالإضافة إلى ضغط أكثر على الخصم من الخط الأمامي".

" أحضر جاتوزو لمزيد من التوازن وتناسب اسلوبه التكتيكي مع الكثير من اللاعبين في الفريق وتحديدا بناء الكرة من الخط الخلفي بشكل تدريجي وهو الأمر الذي إستمتعوا به بشكل كبير. أصبح جاتوزو بمثابة قائد حقيقي للفريق بعد أن قام بوضع القواعد وكان صريحا بأن من سيلتزم معه سيتواجد ويكمل مع الفريق أما من سيتخلف فليس له مكان بيننا".

إبتسم الحظ في وجه جاتوزو مرة أخرى عندما تقابلوا مع العملاق الأسباني برشلونة، فلقد قدموا مستويات مميزة للغاية ولعبوا بطريقة كما لو أنهم في نفس مستوى برشلونة. إتمد فريق نابولي على الأطراف والهجمات السريعة من العمق بالإضافة إلى مهارة ميرتنز في التسجيل ليتقدم الفريق على البلوجرارنا. لكن على الرغم من تألقهم بشكل كبير إلا أنهم خسروا اللقاء بسبب خطأ دفاعي نادر ولكن على أي حال أظهرت هذه المباراة كم التطور الكبير الذي أصبح عليه الفريق تحت قيادة جاتوزو.

لكن في الوقت الذي  كان جاتوزو يصل فيه للقمة مع فريقه، إجتاح وباء كورونا العالم وهدد بشكل كبير عملهم نظرا لعدم إتضاح الخطط المستقبلية في هذه الفترة وتعرض جاتوزو لصدمة كبيرة بعد ان مرضت أخته في هذه الفترة وتوفت وعمرها 37 عام فقط. عاد جينارو للفريق مرة أخرى بعد 18 يوما من إستئناف النشاط الرياضي وكان جاهزا للقيادة الفريق مرة أخرى. كانت هذه الفترة مثال حي لكيف يمكن للحياة أن تتغير بسرعة، ففي لحظة قد تشعر بالسعادة والفرح وبلمح البصر قد يعم المكان الحزن والسكوت.

إستمر اللاعبون في تقديم مستوياتهم الرائعة التي كانوا عليها قبل التوقف حيث تغلبوا على إنتر ميلان في الكأس ووصلوا للنهائي لمقابلة يوفنتوس ساري. لعب الفريق مباراة مجهدة للغاية وإنتهت بالتعادل السلبي ولكنهم نفذوا تعليمات مدربهم بعدم ترك أي مساحات للخصم والإستحواذ بشكل دائم على الكرة. نجح الفريق في النهاية بالفوز بضربات الترجيح وهو أول لقب لهم منذ 6 سنوات وأول بطولة أيضا لجاتوزو.

ظهر نابولي بمستويات جيدة للغاية منذ عودة الدوري الإيطالي فعلى الرغم من تعرضهم للهزيمة من أتلانتا بنتيجة 2-0 إلا أنهم تواجدوا في المركز ال6 وضمنوا التواجد بدوري أبطال أوروبا ونجحوا في تمديد عقد نجمهم دريس مارتينيز لمدة سنتين مما يزيد من فرصه ليصبح الهداف التاريخي للفري في المستقبل القريب.

نجح جاتوزو في تعديل مستويات الفريق بشكل كبير وحل من القصور الفنية التي عانوا منها بشكل كبير مما ساعدهم على تحقيق المزيد من النقاط في المباريات. قال الكثيرين عن جاتوزو أن طبيعته العصبية وحميته دائما ما تحمس اللاعبين الذين حوله ودائما ما يثقوا به بشكل كبير لأنه يثق بنفسه بالشكل الذي يرفع من الروح المعنوية للجميع.

موضوعات أخرى:

أخبار قد تعجبك

No stories found.
logo
واتس كورة
wtkora.com